خطورة الإسلام السياسي: تهديد نعيم قاسم للدولة اللبنانية كمثال

الإسلام السياسي، بوصفه مفهومًا يسعى إلى تطبيق الدين ضمن إطار سياسي وسلطوي، يمثل خطرًا جسيمًا يهدد استقرار الدول والمجتمعات. يتجاوز هذا المفهوم البعد الروحي والأخلاقي للدين ليصبح أداة للهيمنة السياسية، غالبًا على حساب سيادة الدولة وسلامة النسيج الاجتماعي. في لبنان، تتضح هذه الخطورة بشكل كبير من خلال خطابات ومواقف الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، الذي يجسد نموذجًا صارخًا لكيفية استخدام الإسلام السياسي لتحدي سلطة الدولة وتهديد استقرارها.

الإسلام السياسي وتحدي الدولة وتهديد الوطن

الإسلام السياسي، في جوهره، يسعى إلى فرض رؤية إيديولوجية تستند إلى تفسير ديني محدد، غالبًا على حساب التعددية والديمقراطية. هذا النهج يؤدي إلى تقويض مفهوم الدولة الوطنية، حيث يتم استبدال السيادة الوطنية بولاءات إقليمية أو عقائدية. في لبنان، يظهر هذا التحدي في إصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه خارج إطار الدولة، متجاهلاً اتفاق الطائف والقرارات الدولية التي تنص على حصر السلاح بيد الدولة. هذا الرفض يعكس رؤية تتعارض مع مفهوم الدولة المركزية، ويضع لبنان في حالة من التوتر المستمر.

تهديد نعيم قاسم: نموذج حي للخطورة

في 15 أغسطس 2025، أطلق الشيخ نعيم قاسم تصريحات تهديدية واضحة ضد الدولة اللبنانية، محذرًا من أنه “لن تكون هناك حياة في لبنان إذا حاولت الحكومة مواجهة الحزب”، واصفًا قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة بأنه “ينتهك الميثاق الوطني ويدمر الأمن الوطني”. هذه التصريحات ليست مجرد خطاب سياسي، بل تهديد مباشر باستخدام القوة ضد الدولة إذا ما حاولت فرض سيادتها. هذا النوع من الخطاب يعكس خطورة الإسلام السياسي الذي يضع مصالحه العقائدية فوق مصلحة الوطن، ويستخدم الدين كغطاء لتبرير السيطرة المسلحة.

نعيم قاسم، في خطابه، استحضر رمزية “معركة كربلاء” لتعبئة جمهوره، مشيرًا إلى أن الحزب يخوض معركة وجودية ذات بعد ديني وعقائدي. هذا الاستخدام للرموز الدينية ليس فقط لتحفيز البيئة الشيعية، بل أيضًا لتصوير أي محاولة لنزع سلاح الحزب كاعتداء على الدين نفسه، مما يعمق الانقسامات الطائفية ويهدد بتفجير الوضع الداخلي.

تداعيات الإسلام السياسي على لبنانتصريحات قاسم تكشف عن عدة مخاطر يفرضها الإسلام السياسي على لبنان:

  1. تقويض سيادة الدولة: برفضه الالتزام بحصر السلاح بيد الدولة، يضع حزب الله نفسه كسلطة موازية، مما يجعل لبنان رهينة لقرارات الحزب التي تخدم أجندات إقليمية، لا سيما الإيرانية. هذا يتجلى في دعم لاريجاني الإيراني لموقف قاسم، مما يؤكد ارتباط الحزب بمشروع إقليمي أكثر منه وطني.
  2. إثارة الفتنة الطائفية: تحذير قاسم من “فتنة أهلية” إذا حاولت الحكومة نزع السلاح يشير إلى استعداد الحزب لاستخدام العنف الداخلي للحفاظ على قوته. هذا التهديد يعزز الانقسامات الطائفية ويهدد استقرار لبنان، الذي يعاني أصلاً من هشاشة سياسية واجتماعية.
  3. تعريض لبنان للحروب: إصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه واستعداده لـ”خوض المواجهة” ضد إسرائيل يعرض لبنان لمخاطر حرب جديدة، دون الرجوع إلى قرار الدولة. هذا الوضع يجعل لبنان ساحة للصراعات الإقليمية، كما حدث في حرب 2006 التي تسببت في دمار هائل.
  4. إضعاف الدستور والمؤسسات: خطاب قاسم يتجاهل اتفاق الطائف، الذي يشكل أساس النظام السياسي اللبناني، ويرفض قرارات الحكومة التي تنص على احتكار الدولة للسلاح. هذا الرفض يعكس تحديًا مباشرًا للشرعية الدستورية، مما يهدد بانهيار المؤسسات اللبنانية.

الحل استعادة سيادة الدولة

للتصدي لخطورة الإسلام السياسي، يجب على الدولة اللبنانية استعادة سيادتها الكاملة. هذا يتطلب:

  • حصر السلاح بيد الدولة: يجب تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، مع الضغط الدولي لضمان الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
  • تعزيز الوحدة الوطنية: مواجهة الخطاب الطائفي من خلال تعزيز الحوار الوطني وإشراك كل الطوائف في بناء دولة قوية.
  • فصل الدين عن السياسة: يجب أن يكون الدين مصدر إلهام أخلاقي، لا أداة للهيمنة السياسية. هذا يتطلب إصلاحات سياسية تضمن التعددية والمساواة.
  • مواجهة التدخلات الخارجية: يجب على لبنان رفض التدخلات الإيرانية أو غيرها التي تعزز نفوذ الإسلام السياسي على حساب السيادة الوطنية.

خاتمة

الإسلام السياسي، كما يتجلى في تهديدات نعيم قاسم، يمثل خطرًا وجوديًا على لبنان، ليس فقط بسبب رفضه لسيادة الدولة، بل أيضًا لقدرته على إثارة الفتنة وتعريض البلاد للحروب. تصريحات قاسم تؤكد أن حزب الله يضع أجندته العقائدية فوق مصلحة لبنان، مما يتطلب تحركًا حاسمًا من الدولة والمجتمع الدولي لاستعادة السيادة وحماية استقرار البلاد. إن بناء دولة قوية، عادلة، ومتعددة هو السبيل الوحيد لمواجهة هذا الخطر وضمان مستقبل لبنان.

أضف تعليق

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

اكتشاف المزيد من Ahmed's Library

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

مواصلة القراءة